أين يقع وادي طوى المقدس.. هل وادي طوى هو جبل الطور؟

كتب بواسطة: ليلى مزهر | نشر في

وادي طوى المقدس هو مكان ذُكر في القرآن الكريم باعتباره موقعًا ذا قداسة خاصة، وفي هذا الوادي كلّم الله موسى عليه السلام وأمره أن يخلع نعليه لأنه في "الوادي المقدس طوى"، ويتبادر إلى ذهن الكثيرين عند ذكر وادي طوى السؤال عن موقعه الجغرافي وعن علاقته بجبل الطور الذي يُعتبر مكانًا هامًا في الرواية الدينية حول قصة النبي موسى عليه السلام.

وادي طوى في القرآن الكريم

ذُكر وادي طوى في القرآن الكريم في مواضع عدّة. ففي سورة طه، يقول الله تعالى: "فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَىٰٓ * إِنِّيٓ أَنَا۠ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى" (طه: 11-12)، وفي سورة النازعات، نقرأ: "إِذْ نَادَىٰهُ رَبُّهُۥ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى" (النازعات: 16).

هذه الآيات تؤكد أن وادي طوى كان المكان الذي تلقى فيه النبي موسى الأمر الإلهي، ولكن بالرغم من هذه الإشارة الصريحة إلى الوادي، فإن القرآن لا يحدد الموقع الجغرافي الدقيق لهذا الوادي.

أين يقع وادي طوى؟

لقد أثار موقع وادي طوى اهتمام العلماء والمفكرين على مر العصور، وحاول الكثيرون تحديد موقعه بناءً على النصوص الدينية والآثار الجغرافية.

هناك اجتهادات عديدة حول موقع وادي طوى، وأشهر هذه الاجتهادات ترتبط بجبل الطور في شبه جزيرة سيناء.
يُعتقد أن وادي طوى قد يكون جزءًا من المنطقة الجغرافية التي يقع فيها جبل الطور.
يستند هذا الافتراض إلى الارتباط بين قصة النبي موسى والوحي الذي تلقاه من الله في هذه المنطقة.
مع ذلك لا يوجد دليل جغرافي أو تاريخي حاسم يُثبت هذا الافتراض بشكل لا لبس فيه.
هناك من يرى أن وادي طوى قد يكون في مناطق أخرى، مثل شمال غرب المملكة العربية السعودية أو مناطق في صحراء سيناء، ولكن هذا لم يُثبت بشكل قاطع.

هل وادي طوى هو جبل الطور؟

لعل هذا السؤال هو الأكثر تداولًا بين الباحثين والمهتمين بالقصص الدينية المتعلقة بالنبي موسى عليه السلام، وهل وادي طوى هو جبل الطور نفسه؟ أم أنه مكان منفصل؟ هناك ارتباط بين جبل الطور ووادي طوى في ذهن الكثيرين لأن جبل الطور هو المكان الذي تلقى فيه النبي موسى الألواح.

في سورة الأعراف يقول الله: "وَإِذْ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُۥ ظُلَّةٌ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُۥ وَاقِعٌۢ بِهِمْ" (الأعراف: 171) لكن لم يذكر النص القرآني صراحة أن جبل الطور هو نفسه وادي طوى بل إن بعض التفاسير تُشير إلى أن وادي طوى قد يكون في منطقة جبل الطور أو قريبًا منه، لكن لا يمكن الجزم بأنهما نفس الموقع.

الآراء المختلفة حول الموقع الجغرافي لوادي طوى

لقد كانت محاولة تحديد الموقع الجغرافي لوادي طوى موضوعًا للبحث الديني والجغرافي عبر التاريخ، وهناك من يرى أن الموقع هو جبل الطور في سيناء استنادًا إلى القصص التوراتية التي تُشير إلى جبل سيناء كموقع لحدث التجلّي.

ظهر في الآونة الأخيرة فرضية أخرى تدعم فكرة أن وادي طوى قد يكون في منطقة شمال غرب المملكة العربية السعودية، وتحديدًا بالقرب من جبل اللوز، وتعتمد على نصوص قديمة وبعض الأدلة الأثرية والجغرافية التي تُشير إلى أن هذه المنطقة قد تحتوي على بعض الآثار التي تدل على مرور موسى عليه السلام هناك.

وادي طوى في التراث الإسلامي واليهودي والمسيحي

يبقى موقع وادي طوى لغزًا جغرافيًا يتطلب المزيد من البحث والدراسة، وعلى الرغم من أنه يُعتبر مكانًا مقدسًا وربما يرتبط بوادي طوى، إلا أنه لا يوجد دليل قاطع يُثبت أنه هو نفس المكان الذي يُشار إليه بجبل الطور، ويبقى مكانًا مقدسًا في النصوص الدينية الإسلامية، حيث جرى فيه الحدث العظيم الذي غير مجرى التاريخ.

في التراث الإسلامي تم تناول وادي طوى من قِبل العلماء والمفسرين بشكل واسع، فعلى سبيل المثال أشار الإمام الطبري في تفسيره إلى أن وادي طوى هو وادٍ مبارك ومقدس.
لكن لم يُحدد مكانه بشكل قاطع. واعتبر بعض المفسرين أن القداسة تكمن في الحدث نفسه الذي وقع في الوادي، وليس في الموقع الجغرافي.
بالرغم من عدم وجود إجماع حول الموقع الجغرافي، فإن الإجماع بين المفسرين والعلماء على أن وادي طوى هو المكان الذي تم فيه الحوار بين الله وموسى عليه السلام، وأن هذا الوادي جزءٌ من الأحداث الكبرى في قصة نبي الله موسى.
يرتبط وادي طوى أيضًا بالتاريخ اليهودي والمسيحي، وفي الكتاب المقدس (التوراة) ذُكرت أحداث مشابهة لما ورد في القرآن حول لقاء النبي موسى بالله على جبل سيناء (أو جبل حوريب كما يُسمى في بعض النصوص).
هذا الجبل هو المكان الذي تلقى فيه النبي موسى الوصايا العشر، ولكن لم يُذكر فيه شيء يُطابق وصف وادي طوى الموجود في القرآن.
في المسيحية يتم التركيز على جبل سيناء كموقع مقدس، ولكن هناك اختلاف بين المذاهب المسيحية حول الموقع الجغرافي لجبل سيناء نفسه، مما يزيد من تعقيد البحث حول موقع وادي طوى.

اقرأ المزيد